إسلامُه، وكان فقيهًا عالمًا حكيمًا، اختُلف في شهوده أُحدًا، وشهد ما بعدَها، وسكن الشام، وولي قضاء دمشق في خلافة عثمان، ولاه معاويةُ إذ كان أميرًا بها على الأصح والأشهر عند أهل الحديث؛ كما قاله ابن عبد البر، وكان القاضي هو الذي يكون خليفة الأمير إذا غاب.
وقيل: إن عمر هو الذي ولاه، وقيل: عثمان، والأميرُ يومئذ معاوية.
ومات أَبو الدرداء بها سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: إحدى، وقيل: أربع، وقيل: مات بعد صفين، ودفن هو وزوجته أم الدرداء الصغرى، وهي التابعيةُ التي لها روايةٌ في "الصحيحين"، واشتهارٌ بالعلم والعفة والعقل، واسمها هُجيمة -بضم الهاء وفتح الجيم فياء مثناة تحت ساكنة فميم-، ويقال: جهيم بنت حيي، وقيل: حي، ولما مات، خطبها معاوية، فقالت: لا أتزوجُ زوجًا في الدنيا حتى أتزوج أبا الدرداء في الجنة -إن شاء اللَّه تعالى-.
وله قبر مشهور داخل قلعة دمشق، يزار ويتبرك به.
وأما زوجته أم الدرداء الكبرى، فهي الصحابية التي كانت عنده قبل الصغرى، واسمها خَيْرَةُ -بفتح الخاء المعجمة وسكون المثناة تحت-، قاله الإمام الحافظ ابن الجوزي، بنتُ أبي حدرد الأسلميةُ.
قال الحميدي في آخر "الجمع بين الصحيحين" عن هذه: ليس لها في "الصحيحين" حديث.
رُوي لأبي الدرداء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مئة وتسعة وسبعون حديثًا، اتفقا على حديثين، وانفرد البخاري بثلاثة، ومسلم بثمانية (١).