للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم عن قيام الليل خشيةَ أن يُفْرض عليهم، يؤيد ذلك ما روى أَبو داود بإسناد صحيح، عن رجل من الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، قال: نهى النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الحِجامة والمواصلة، ولم يحرمها؛ إبقاءً على أصحابه (١).

وما في البخاري من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-؛ فقد روى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- واصل، فواصل الناس، فشق عليهم، فنهاهم (٢).

ومنها: فعلُ أصحابه الكرام -رضي اللَّه عنهم-، فقد روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، عن عبد اللَّه بن الزبير -رضي اللَّه عنهما-: أنه كان يواصل خمسةَ عشرَ يومًا (٣)، مع ما ثبت في "الصحيحين": أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- واصل بأصحابه بعد النهي (٤)، فلو كان للتحريم، لما أقرهم عليه، فعُلم أنه أراد بالنهي: الرحمةَ لهم، والتخفيفَ عنهم كما صرحت به عائشةُ (٥).

ومنها: أنه تركُ الأكل والشرب المباح، فلم يكن محرمًا؛ كما لو تركه في حال الفطر.

فإن قيل: فصومُ يوم العيد محرَّم مع كونه تركًا للأكل والشرب المباح.

قلنا: ما حرم ترك الأكل والشرب بنفسه، وإنما يحرم بنية الصوم، ولهذا لو تركه من غير نية الصوم، لم يكن محرمًا، والليل لا صوم فيه،


(١) رواه أَبو داود (٢٣٧٤)، كتاب: الصوم، باب: في الرخصة في ذلك، والإمام أحمد في "المسند" (٤/ ٣١٤).
(٢) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (١٨٢٢)، وعند مسلم برقم (١١٠٢).
(٣) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٩٥٩٩).
(٤) تقدم تخريجه عندهما من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.
(٥) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٤/ ٢٠٢)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>