للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخلَ عليها يومَ الجمعة وهي صائمةٌ، فقالَ: "أَصُمْتِ أَمْسِ؟ "، قالت: لا، قال: "أَتُريدينَ أَن تصومي غدًا؟ "، قالت: لا، قال: "فأفطري" رواه البخاري، وأبو داود (١).

وعن ابن سيرين، قال: كان أَبو الدرداء يُحيي ليلةَ الجمعة، ويصومُ يومَها، فأتاه سلمانُ، وكان النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- آخى بينهما، ونام عنده، فأراد أَبو الدرداء أن يقوم ليلته، فقام إليه سلمان، فلم يدعه حتى نام، وأفطر، فجاء أَبو الدرداء إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخبره، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عُوَيْمِرُ! سَلْمانُ أعلمُ منكَ، لا تخصَّ ليلةَ الجمعةِ بصلاةٍ، ولا يومَها بصيام" رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد جيد (٢).

قال علماؤنا: يكره أن يتعمد إفراد يوم الجمعة بصوم، نص عليه الإمام أحمد في رواية الأثرم، قال: قيل لأبي عبد اللَّه: صيام يوم الجمعة؟ فذكر حديثَ النهي أن يُفرد، ثم قال: "إلا أن يكون في صيامٍ كانَ يصومُه".

وقال أَبو حنيفة، ومالك: لا يكره إفرادُ يوم الجمعة بالصوم؛ لأنه يوم، فأشبه سائرَ الأيام.

والأحاديث المارة وغيرُها صريحة في النهي، فلا أقلَّ من الكراهة.

قال الداودي المالكي: لم يبلغِ الإمامَ مالكًا الحديثُ؛ يعني: الذي نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه عن إفراد يوم الجمعة بالصوم (٣).


(١) رواه البخاري (١٨٨٥)، كتاب: الصوم، باب: صوم يوم الجمعة، وأبو داود (٢٤٢٢)، كتاب: الصوم، باب: الرخصة في ذلك.
(٢) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (٦٠٥٦).
(٣) انظر: "الفروع" لابن مفلح (٣/ ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>