وبعضهم قال: المراد بالكلب: الكَلِب، وكلها لا تفيد عند التحقيق فائدةً.
وقد ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - التصريح بأن الغسل من ولوغ الكلب؛ لأنه رجسٌ، رواه محمد بن نصر المروزي، بإسنادٍ صحيحٍ (١)، ولم يصح عن أحدٍ من الصحابة خلافه.
والمشهور عن المالكية أيضاً: التفرقة بين إناء الماء، فيراق ويغسل، وبين إناء الطعام، فيؤكل، ثم يُغسل الإناء تعبُّداً؛ لأن الأمر بالإراقة عام، فيخص الطعامُ منه بالنهي عن إضاعة المال.
وعورض بأن النهي عن إضاعة المال مخصوصٌ بالأمر بالإراقة، ويترجح بالإجماع على إراقة ما يقع فيه النجاسة من قليل المائعات، ولو عظم ثمنه، فثبت تخصيص عموم النهي عن الإضاعة بخلاف الإراقة.
وإذا ثبتت نجاسة سؤره، كان أعم من أن يكون لنجاسة عينه، أو لنجاسةٍ طارئةٍ. لكن الأول أرجحُ، إذ هو الأصل، ولأنه يلزم على الثاني مشاركة غيره له في الحكم، والله الموفق.
* * *
(١) ورواه ابن المنذر في "الأوسط" (١/ ٣٠٦). وانظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١٨/ ٢٦٨)، و"فتح الباري" لابن حجر (١/ ٢٧٦).