للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "مسند الإمام أحمد"، والنسائي، عن أبي ذر -رضي اللَّه عنه-، قال: كنتُ أسأل عنها -يعني: ليلة القدر-، فقلت: يا رسول اللَّه! أخبرني عن ليلة القدر، أفي رمضانَ هي، أو في غيره؟ قال: "بل هي في رمضان"، قلت: أتكونُ مع الأنبياء ما كانوا، فإذا قُبضوا، رُفعت، أم هي إلى يوم القيامة؟ قال: "بل هي إلى يوم القيامة"، قلت: في أيِّ رمضان هي؟ قال: "التَمِسوها في العشرِ الأولِ والعشرِ الأواخر"، قلت: في أيِّ العَشْرين؟ قال: "هي في العشر الأواخر، لا تسألني عن شيء بعدَها"، ثم حدَّث رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم اهتبلتُ غفلته، فقلت: يا رسول اللَّه! أقسمتُ عليكَ بحقي لَمَا أخبرتَني في أيِّ العشر هي؟ فغضبَ عليّ غضبًا لم يغضبْ مثلَه منذُ صحبتُه، وقال: "التَمِسوها في السبع الأواخر، لا تسألني عن شيء بعدها"، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم (١).

وفي رواية لهما: أنه قال: "ألم أنهكَ أَنْ تسألَني عَنْها؟! إنَّ اللَّه لو أَذِنَ لي أَنْ أُخبرَكم بها، لأخبرتكم، لا آمن أن تكون في السبع الأواخر" (٢).

ففي هذه الرواية أنَّ بيان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ليلة القدر انتهى إلى أنها في السبع الأواخر، ولم يزد على ذلك شيئًا، وهذا مما يستدِلُّ به مَنْ رجَّح ليلةَ ثلاثٍ وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين على ليلة إحدى وعشرين؛ لأنها ليست من السبع الأواخر بلا تردد.


= (ص: ٣٦٠): وفي صحة ذلك عنهم بُعدٌ؛ وإنما قول هؤلاء: إنها في العشر، وتطلب في لياليه كله.
(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٥/ ١٧١)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٣٤٢٧)، وابن حبان في "صحيحه" (٣٦٨٣)، والحاكم في "المستدرك" (١٥٩٦)، وهذا لفظ أحمد.
(٢) تقدم تخريجه عند ابن حبان والحاكم في الحديث السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>