للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إلا أحدٌ لا يجدُ نعلين) -في موضع رفع- صفة لأحد، ويستفاد منه -كما قال ابن المنير- جوازُ استعمال "أَحَد" في الإثبات؛ خلافًا لمن خصَّه بضرورةِ الشعر؛ كقوله (١): [من البسيط]

وَقَد ظَهَرْتَ فَمَا تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ ... إِلَّا عَلَى أَحَدٍ لا يَعْرِفُ القَمَرَا

قال: والذي يظهر لي بالاستقراء أن "أحدًا" لا يُستعمل في الإثبات، إلا أن تعقب النفيَ، وكان الإثباتُ حينئذ في سياق النفي.

ونظيرُ هذا زيادةُ الباء؛ فإنها لا تكون إلا في النفي، ثم رأيناها زيدت في الإثبات الذي هو في سياق النفي؛ كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [الأحقاف: ٣٣]. انتهى (٢).

والمستثنى منه محذوف، ذكره معمر في روايته عن الزهري عن سالم باللفظ: "وليحرمْ أحدُكم في إزارٍ ورداءٍ ونعلينٍ، فإن لم يجد نعلين، (فليلبس الخفين) (٣). وفي لفظ: "خفين" (٤) بلا تعريف، (وليقْطَعْهما)؛ أي: شرطَ أن يقطعهما (أسفلَ من الكعبينِ)، ولا فدية عليه إذن، فإنها لو وجبت، لبينها النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا موضعُ بيانها (٥).


(١) هو ذو الرُّمَّة، كما في "ديوانه" (٢/ ١١٦٣)، (ق ٣٧/ ٤١).
(٢) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ١٠٩ - ١١٠)، نقلًا عن الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٣/ ٤٠٢).
(٣) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢/ ٣٤)، وابن خزيمة في "صحيحه" (٢٦٠١)، وغيرهما.
(٤) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (١٤٦٨، ٥٤٦٦، ٥٥١٤).
(٥) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>