للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنكره الأصمعي، وقال الحافظ العراقي: إنه -يعني: قول متأخري الحنفية- أقربُ إلى عدم الإحاطة على القدم (١).

ولا يحتاج القول به إلى مخالفة اللغة، بل يوجد ذلك في بعض ألفاظ حديث ابن عمر، ففي رواية الليث عن نافع، عنه: "فليلبسِ الخفَّين ما أسفل من الكعبين" (٢)، فقوله: "ما أسفل" بدل من "الخفين"، فيكون اللبسُ لهما أسفلَ من الكعبين، والقطعُ من الكعبين فما فوق.

وفي رواية مالك عن نافع، عنه: "وليقطَعْهما أسفلَ من الكعبين" (٣)، فليس فيه ما يدل على كون القطع مقتصرًا على ما دون الكعبين، بل يزاد مع الأسفل ما يخرج القدم عن كونه مستورًا بإحاطة الخف عليه، ولا حاجة حينئذ إلى مخالفة ما جزم به أهل اللغة، انتهى.

وإذا لبسَه والحالةُ هذه، تلزمُه الفديةُ عند الحنفية (٤)، واللَّه أعلم.

الثاني: السرُّ في تحريم لبسِ المَخِيط وغيرِه مما ذُكر للمحرم مخالفةُ العادة، والخروجُ عن المألوف؛ لإشعار النفس بأمرين: الخروجِ عن الدنيا، والتذكرِ للبسِ الأكفانِ عند نزع المخيط، وتنبيهًا على التلبس بهذه العبادة العظيمة بالخروج عن معتادها، وذلك موجبٌ للإقبال عليها، والمحافظةِ على قوانينها وأركانها وشرائطها وآدابها، واللَّه أعلم (٥).

* * *


(١) انظر: "طرح التثريب" للعراقي (٥/ ٥٣).
(٢) تقدم تخريجه عند النسائي برقم (٢٦٧٣).
(٣) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (١٤٦٨، ٥٤٦٦)، ومسلم برقم (١١٧٧).
(٤) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٣١٤).
(٥) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٣/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>