للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال المالكية: ولا ينعقد إلا بنية مقرونة بقول أو فعل متعلقينِ به؛ كالتلبية، والتوجُّه إلى الطريق، فلا ينعقد بمجرد النية، وقيل: ينعقد، قاله سند، وهو مروي عن مالك (١).

قال في "الفروع": الإحرام لا ينعقد إلا بنية، وللشافعي قولٌ ضعيف: ينعقد بالتلبيةِ، ونيةُ النسك كافية، نص عليه -يعني: الإمام أحمد-؛ وفاقًا لمالك، والشافعي.

وفي "الانتصار" رواية: مع تلبية، أو سوق هدي؛ وفاقًا لأبي حنيفة، قال: واختارها شيخنا؛ يعني: شيخَ الإسلام ابنَ تيمية، وقاله جماعة من المالكية، وحكي قولًا للشافعي، وبعضهم حكى قولًا: يجب، وحكي عن مالك وجماعة من الشافعية: يعتبر مع النيةِ التلبيةُ (٢).

والمعتمد: أن التلبيةَ سنةٌ لا تجب، ويُسن ابتداؤها عقبَ إحرامه، وذكرُ نسكه فيها، وذكرُ العمرة قبل الحج للقارن، فيقول: "لبيك عمرةً وحجًا"، والإكثارُ منها، ورفعُ الصوت بها.

ولكن لا يجهد نفسَه في رفعه زيادة على الطاقة، ولا يُندب إظهارُها في مساجد الحِلِّ وأمصارِه، ولا في طواف قدوم وسعي بعده، ويكرهُ رفعُ الصوت بها حول البيت؛ لئلا يشغلَ الطائفين عن طوافهم وأذكارهم، ويُسن الدعاءُ بعدها، فيسألُ اللَّه الجنةَ، ويعوذ به من النار؛ لما يأتي من الأخبار، ويدعو بما أحبَّ، والصلاة على النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣).

وتتأكد التلبية إذا علا نشزًا، أو هبطَ واديًا، أو لقي رفقة، أو سمع ملبيًا،


(١) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ١١٣).
(٢) انظر: "الفروع" لابن مفلح (٣/ ٢١٧).
(٣) انظر: "الإقناع" للحجاوي (١/ ٥٦٥ - ٥٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>