للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القفّال من الشّافعية في "شرح التّلخيص" في ذكر الخصائص: لا يجوز القتال بمكّة، حتّى قالوا: لو تحصّن جماعة من الكفّار فيها، لم يجزْ لنا قتالُهم فيها (١).

وحكى الماوردي أيضًا: أنّ من خصائص الحرم: أَلَّا يُحارَبُ أهلُه إن بغوا على أهل العدل (٢).

قال علماؤنا -رحمهم اللَّه تعالى-: من قَتَلَ، أو قطعَ طرفًا، أو أتى حَدًّا خارج مكّة، ثمّ لجأ إليه، أو لجأ إليه حربيٌّ، أو مرتدّ، لم يُستوفَ منه فيه (٣).

قال في "الفروع": من فعل ذلك خارجَ الحرم، ثمّ لجأ إليه، أو لجأَ إليه حربيٌّ، أو مرتدٌّ، لم يجز أخذُه به فيه؛ كحيوان صائل مأكول، ذكره الشّيخ -يعني: الموفّق- (٤) لكن لا يُبايَع ولا يُشارى، ولا يُطعم ولا يُسقى، ولا يؤاكَل ولا يُشارَب، ولا يجالَسُ ولا يؤوَى، ويُهْجَرُ، فلا يكلِّمه أحد حتّى يخرج، لكن يقال له: اتَّقِ اللَّه، واخرجْ إلى الحلّ ليستَوْفَى منك الحقُّ الذي قِبَلَك، فإذا خرج، أُقيم عليه الحدُّ (٥).

وفي "الهدي" للإمام ابن القيّم: أن الطّائفة الممتنعة بالحرم من مبايعة الإمام، لا تُقاتلَ، لاسيّما إن كان لها تأويلٌ؛ كما امتنع أهلُ مكّةَ من بيعة


(١) نقله النووي في "شرح مسلم" (٩/ ١٢٥)، وغلطه في ذلك.
(٢) انظر: "الأحكام السلطانية" للماوردي (ص: ٢٦٠)، وفيه: فلو بغى أهله على أهل العدل، فإن أمكن ردهم عن البغي بغير قتال، لم يجز قتالهم، وإن لم يمكن ردهم عن البغي إلا بالقتال، فقال جمهور الفقهاء: يقاتلون. . . إلخ.
(٣) انظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٨٨).
(٤) انظر: "الفروع" لابن مفلح (٦/ ٦٩).
(٥) انظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>