للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزيدَ، وبايعوا ابنَ الزُّبير، فلم يكن قتالُهم ونصبُ المنجنيق عليهم، وإحلالُ حرم اللَّه جائزًا بالنّص والإجماع، وإنّما خالف في ذلك عمرُو بنُ سعيد بنِ العاص -يعني: الأشدق وشيعته-، وعارض نصَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- برأيه وهواه، فقال: إنّ الحرمَ لا يُعيذُ عاصيًا.

قال: والخبرُ صريحٌ في أنّ الدّم الحلالَ في غيرها، حرامٌ فيها، عدا تلكَ السّاعةَ، انتهى (١).

وفي "الأحكام السّلطانيّة" -يعني: للقاضي أبي يعلى-: تُقاتَلُ البغاةُ إذا لم يندفعْ بغيُهم إلّا به؛ لأنّه من حقوق اللَّه، وحفظُها في حَرَمِه أولى من إضاعتها.

وذكره الماوردي من الشّافعيّة عن جمهور الفقهاء، (٢) ونصّ عليه الشّافعي، وحمل الخبرَ على ما يعم إتلافُه؛ كالمنجنيق، إذا أمكن إصلاحٌ بدون ذلك (٣).

قال في "الفروع": فيقال: وغيرُ مكّة كذلك.

واحتجّ في "الخلاف"، "وعيون المسائل"، وغيرهما: على أنّه لا يجوز دخولُ مكّةَ لحاجة لا تتكرر إلا بإحرام، للخبر: "وإنّما أُحِلَّتْ لي ساعةً من نهار".

قالوا: فلمّا اتّفق الجميع على جواز القتال فيها متى عرض مثلُ تلك الحال، علمنا أنّ التّخصيص وقعَ لدخولها بغير إحرام، كذا قالوا.


(١) انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (٣/ ٤٤٣، ٤٤٦).
(٢) انظر: "الأحكام السلطانية" للماوردي (ص: ٢٦٠).
(٣) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٩/ ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>