للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في "الفروع": ولمّا كان هذا ضعيفًا، فإن الأكثر حكمًا واستنباطًا لم يعرّجوا عليه، وذُكر منهم أبو بكر ابن العربي في "العارضة"، وقال: لو تغلّب فيها كفّار أو بُغاةٌ، وجبَ قتالُهم فيها بالإجماع (١).

وقال شيخنا -يعني: شيخ الإسلام ابن تيميّة-: إن تعدَّى أهلُ مكّة أو غيرُهم على الرَّكْب، دفع الرَّكْب كما يدفع الصّائل، وللإنسان أن يدفع مع الرّكب، بل يجب إن احتيج إليه (٢).

قال ابن الجوزي في "مثير العزم السّاكن": قال اللَّه -عزَّ وجلَّ-: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: ٩٧].

لفظُ هذه الآية لفظُ الخبر، ومعناها الأمرُ.

والتّقدير: من دخله، فَأَمِّنوه، وهو لفظ عام فيمن جَنَى قبل دخوله، أو بعدَ دخوله؛ إلّا أنّ الإجماع انعقد على أنّ من جنى فيه، لا يؤمَّنُ؛ لأنه هتكَ حرمةَ الحرم، وردَّ الأمانَ، فبقي حكمُ الآية فيمن جنى خارجًا منه، ثمّ لجأ إليه.

قال: وقد اختلف الفقهاء في ذلك، فقال الإمام أحمد في رواية المَرُّوذي: إذا قَتل، أو قَطع يدًا، أو أتى حدًّا في غير الحرم، ثمّ دخله، لم يُقَم عليه الحدُّ، ولم يُقتصَّ منه، ولكن لا يُبايع، ولا يُشارى، ولا يؤاكَل حتّى يخرج.

وقال في رواية حنبل: إذا قتل، ثمّ لجأ إلى الحرم، لم يُقتل، وإن كانت


(١) انظر: "عارضة الأحوذي" لابن العربي (٤/ ٢٥).
(٢) انظر: "الفروع" لابن مفلح (٦/ ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>