للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنايةُ فيما دون النّفس، (١) فإنّه يُقام عليه الحدّ، وبه قال أبو حنيفة.

وقال مالك، والشّافعيّ: يُقام عليه الحدُّ في النَّفْس وفيما دون النَّفْس؛ فالحرمُ عندهما كغيره، فيقام فيه الحدُّ، ويستوفى فيه القصاصُ، سواءً كانت الجناية في الحرم، أو في الحلّ، ثمّ لجأ إلى الحرم؛ لأنّ العاصي هتكَ حرمةَ نفسِه، فأبطلَ ما جعل اللَّه له من الأمن (٢).

قال ابن الجوزي: وفي الآية دليلٌ على صحّة مذهبنا (٣).

قلت: والأحاديث صحيحةٌ صريحةٌ بالتّفرقة بين الحرم وغيره -كما ترى-.

قال ابن الجوزيّ: وقد ألهم اللَّه -عزَّ وجلَّ- الحيوانَ البهيمَ تعظيمَ الحرم؛ فإنَّ الظَّبي يجتمع مع الكلب في الحرم، فإذا خرجا منه، تنافرا، وإنّ الطيرَ لا يعلو على البيت، إلّا أن يستشفي مريضها به، انتهى (٤).

الثّاني: الحرمُ: ما أحاطَ بمكّة المشرّفةِ، وأطاف بها من جوانبها، جعل اللَّه له حكمَها في الحرمة؛ تشريفًا لها.

وسُمِّي حَرَمًا؛ لتحريم اللَّه تعالى [فيه] كثيرًا ممّا ليس بمحرّمٍ في غيره من المواضع.

وحَدُّه من طريق المدينة عندَ التّنعيم على ثلاثة أميال من مكّة.

قال ابن الجوزي: حدودُ الحَرَمِ من طريق المدينةِ دونَ التّنعيم عندَ بيوتِ غفار على ثلاثة أميال.


(١) انظر: "مثير العزم الساكن" لابن الجوزي (ص: ٧٥).
(٢) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٣٠٨).
(٣) انظر: "مثير العزم الساكن" لابن الجوزي (ص: ٧٥).
(٤) المرجع السابق، الموضع نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>