للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوجوب بفعله فقط، بل جعلناه مفسراً لمجمل الآية، وإجمالُها في المرفقين دونَ ما فوقَها، وضعف ابن دقيق العيد كونَها بمعنى "مع"؛ لأن "إلى" حقيقة في انتهاء الغاية، مجازٌ بمعنى "مع"، ولا إجمال في اللفظ بعد تبين حقيقته.

قال: ويدل على أنها حقيقةٌ في انتهاء الغاية، كثرةُ نصوص أهل العربية على ذلك، ومن قال: إنها بمعنى "مع"، فلم ينص على أنها حقيقةٌ في ذلك، فيجوز أن يريد المجاز، انتهى (١).

قال ابن عقيلٍ في "الواضح": "إلى" موضوعةٌ لانتهاء الغاية، نحو قولك: ركبتُ إلى زيد؛ وجئتُ إلى عمرٍو، وإن أريد به دخول الغاية في الكلام، فبدليلٍ يوجب ذلك غير "إلى"، نحو قوله: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦]، أريد به مع المرافق، بدليل غير الحرف، ولذلك لم يوجب قولُه: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧] دخولَ الليل مع النهار (٢).

ومثلُه قولُ ابن هشام في "مغني اللبيب" حيث قال: إنها تكون للمعية، إذا ضممت شيئاً إلى آخر. وبه قال الكوفيون، وجماعةٌ من البصريين في: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [آل عمران: ٥٢]، وقولهم: الذَّوْدُ إلى الذَّوْدِ، ولا يجوز: إلى زيدٍ مالٌ، تريد: مع زيد (٣).

قال: والحاصل: أن غسل اليدين مع المرفقين فرضٌ لازمٌ مرةً واحدةً


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق العيد (١/ ٣٦).
(٢) انظر: "الواضح في أصول الفقه" لابن عقيل (١/ ١١٣ - ١١٤).
(٣) انظر: "مغني اللبيب" لابن هشام (ص: ١٠٤)، و"الإنصاف في مسائل الخلاف" لابن الأنباري (١/ ٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>