للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُوَّتِكُمْ} [هود: ٥٢]؛ أي: مع قوتكم، وقوله: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [الصف: ١٤]، {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢].

فرجحنا هنا معنى: (مع)؛ لأنه أحوط، والوضوء عبادةٌ، فيحتاط لها، ولتيقُّنِ زوال الحدث بغسل المرفقين، إذ بدونه يشك في زواله، والأصل بقاؤه، ولأن اسم اليد قد يشمل جميعها إلى المنكب، فلما قال: "إلى المرفقين"، أخرج بعض ما تناوله لفظُ اليد، فهي في غاية للإخراج، والمتيقن خروجه ما فوق المرفقين، أما هما، فمشكوك في خروجهما، فيبقى تناول لفظ اليد لهما على الأصل.

وهذا تحقيق قول المبرد: إذا كان الحد من جنس المحدود، دخل فيه، نحو: بعتُ هذا الثوبَ من هذا الطرف إلى هذا الطرف (١).

ولِما روى جابر - رضي الله عنه -، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ، أدار الماء على مرفقيه. رواه الدارقطني (٢).

وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنه توضأ، فغسل يده حتى أشرع في العضد، ورِجْلَه حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ. رواه مسلم (٣).

وفعله - عليه الصلاة والسلام - في محل الإجمال يكون بياناً، لا يقال: فقد غسل ما فوق المرفق مع أنه ليس بواجب؛ لأنا نقول: إنا لم نثبت


(١) انظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٨٥).
(٢) رواه الدارقطني في "السنن" (١/ ٨٣)، ومن طريقه: البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٥٦). وانظر: "التلخيص الحبير" لابن حجر (١/ ٥٧).
(٣) رواه مسلم (٢٤٦)، كتاب: الطهارة، باب: استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء.

<<  <  ج: ص:  >  >>