للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الإمام أحمد في رواية صالح وعبد اللَّه: المذهب المختارُ: المتعةُ؛ لأنّه آخرُ ما أمر به النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (١) وهو يعمل لكلّ واحد منهما على حِدَة (٢).

وقال أبو داود: سمعتُه يقول: نرى التَّمتُّع أفضلَ (٣)، وسمعتُه قال لرجل يريد أن يحجّ عن أُمّه: تمتّعْ أحبُّ إليَّ.

وقال إسحاقُ بنُ إبراهيم: كان اختيارُ أبي عبد اللَّه الدُّخولَ بعُمْرَة؛ لأنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لو استقبلْتُ من أَمْرِي ما اسْتَدْبَرْتُ، ما سُقْتُ الهَدْيَ، وَلأَحْلَلْتُ مَعَكُمْ" (٤)، كما يأتي في باب: نسخ الحجّ إلى العمرة.

قال: سمعتُه يقول: العمرةُ كانت آخرَ الأمرين من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لِما يأتي: أنَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر أصحابه لمّا طافوا وسَعَوْا أن يجعلوها عُمرةً، إلّا من ساقَ هَدْيًا، وثبتَ على إحرامِه، لسوقِ الهديِ، وتأسَّفَ كما سبقَ، ولا ينقلُهم إلّا إلى الأفضلِ، ولا يتأسَّفُ إلّا عليه.

فإن قيل: لَمْ يأمرْهم -صلى اللَّه عليه وسلم- بالفسخ لفضل التَّمتع، بل لاعتقادهم عدمَ جوازِ العُمرة في أشهرِ الحجّ.

قلنا: هذا مردود؛ لأنّهم لم يعتقدوه، ثمّ لو فُرض ذلك، لم يكن -صلى اللَّه عليه وسلم- في اختصاصه بذلك مَنْ لم يَسُقِ الهديَ كبيرُ فائدة؛ لأنّهم سواء في الاعتقاد.

ثمّ لو كان، لم يتأسف لاعتقاده جوازها فيها، وجعل العلّة فيه سوق


(١) انظر: "مسائل الإمام أحمد - رواية ابنه عبد اللَّه" (ص: ٢٠١).
(٢) المرجع السابق، (ص: ٢٠٢).
(٣) انظر: "مسائل الإمام أحمد - رواية أبي داود" (ص: ١٧٢).
(٤) سيأتي تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>