للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحينئذ، فيُحمل قولُ ابنِ عمرَ -رضي اللَّه عنهما-: تمتَّعَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: على التَّمتُّع الذي نُسميه قِرانًا؛ بدليل ما في مسلم: عن ابن عمرَ -رضي اللَّه عنهما-: أنَّه قرنَ الحجَّ مع العُمرة، فطاف لهما طوافًا واحدًا، ثمّ قال: هكذا فعلَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (١).

فظهر أنَّ مرادَه بلفظ المتعة في هذا الحديث: القِرانُ (٢).

(وأهدى) -صلى اللَّه عليه وسلم- للبيت تعظيمًا له، (فساق معه الهديَ)، وكان أربعًا وستين بَدَنَةً (من ذي الحُلَيْفَة) ميقاتِ أهلِ المدينة، (وبدأ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأهلَّ)؛ أي: رفع صوته في أثناء الإحرام (بالعُمرة) أوّلًا، (ثمّ أهلّ)؛ أي: لَبَّى (بالحجِّ)، وهذا نصٌّ في الإهلال بهما.

وقدّم لفظ الإهلال بالعمرة على لفظ الإحرام بالحج.

(فتمتع النّاس) في آخر الأمر (مع النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالعُمرة إلى الحجّ).

قال ابن دقيق العيد: حمل على التَّمتُّعِ اللغويِّ، فإنّهم لم يكونوا متمتِّعين بمعنى التَّمتُّع المشهور؛ فإنهم لم يُحرِموا بالعُمرة ابتداء، وإنما تمتَّعوا بفسخ الحجّ إلى العمرة، على ما جاء في الأحاديث، (٣). كما يأتي تقريره -إن شاء اللَّه تعالى-.

(فكان من النّاس من أهدى، فساق معه الهديَ من ذي الحليفة، ومنهم من لم يُهْدِ، فلمّا قدم النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-) مكّةَ المشرفةَ، (قال للناس).

وفي رواية عائشة -رضي اللَّه عنها- ما يقتضي أنَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لهم ذلك بعدَ


(١) رواه مسلم (١٢٣٠)، كتاب: الحج، باب: بيان جواز التحلل بالإحصار وجواز القران.
(٢) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٢١٤ - ٢١٥).
(٣) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٣/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>