قال ابن تيمية: ثمّ الذين قالوا: إنّه كان متمتّعًا، على قولين:
أضعفهما: أنّه حلَّ من إحرامه مع سَوْقه الهديَ، وحملوا أن المتعة كانت لهم خاصة؛ لأنّهم حلّوا من الإحرام مع سوقهم الهديَ، وهذه طريقة القاضي.
قال: وهي منكرة عند الجماهير.
والقول الثاني: أنّ تمتَّع؛ بمعنى: أحرمَ بالعمرة، ولم يحلَّ؛ لسوقه الهدي، وأحرم بالحجّ بعد أن طاف وسعى للعمرة، وهي طريقة الشيخ أبي محمّد -يعني: الإمام الموفّق-، وقد يسمون هذا: قارنًا.
وأمّا الإمام الشّافعي -رضي اللَّه عنه-، فقال تارة: إنَّه أفردَ، وتارةً: تمتّع، وأخرى: إنَّه أحرم مطلقًا، وأخذ بقول من نوى الإفراد، كعائشة؛ لكونها أحفظَ، وجابر، هكذا قال، وظن أن الأحاديث فيها ما يخالف بعضها بعضًا.
قال الشّافعي: فإن قال قائل: فمن أين أثبت حديث عائشة وجابر وابن عمر دون ما قررت؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قلت: والصوابُ: أن الأحاديث متّفقة إلا شيئًا يسيرًا يقع مثلُه في غير ذلك، فقد كان عثمانُ ينهى عن المتعة، وكان عليّ يأمر بها، فقال عليّ: لقد علمتَ أننا تمتَّعنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: أجل، ولكنّا كنّا خائفين (١).
(١) تقدم تخريجه عند البخاري، ومسلم، وهذا لفظ مسلم.