للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد اتفق عثمانُ وعليٌّ -رضي اللَّه عنهما- على أنّهم تمتَّعوا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو في "الصّحيح"، وقول عثمان: كنّا خائفين، فإنما كانوا خائفين في عُمرة القضية، وكانوا قد اعتمروا في أشهر الحجّ مطلقًا؛ ففي "الصّحيح": أن سيّدنا سعدَ بنَ أبي وقاص، لمّا بلغه أنَّ معاويةَ نهى عن المتعة، فقال: فعلناها مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا كافرٌ بالعرش -يعني: معاوية-، (١) ومعلوم أنَّ معاويةَ كان مسلمًا في حجة الوداع، بل وفي عمرة الجعرانةِ عامَ الفتح، ولكن في عمرة القضيّة كان كافرًا بعرش مكّة، فقد سمّى سعدٌ عمرةَ القضيّة عمرةَ الجعرانة، وكانوا خائفين أيضًا عامَ الفتح، أمّا عامَ حجّة الوداع، فكانوا آمِنين؛ ولهذا قالوا: صلّينا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمنًى آمنَ ما كان النّاس ركعتين (٢)، فلعلّه قد اشتبهَ حالُهم هذا العام، فاشتبه على مَنْ روى بأنه نهى عن متعة النساء في حجّة الوداع، وإنّما كان النّهيُ في عام الفتح، وكما يظنّ بعضُهم أن النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل الكعبةَ في حجّة أو عمرة، وإنّما دخلَ عامَ الفتح، ولم ينقل أحدٌ أنّه دخلَها في حجّةٍ ولا عمرةٍ.

أو يكون مرادُ عثمان: أنّ غالبَ الأرض كانوا كفارًا مخالفين لنا، والآنَ قد فُتحت الأرض، فيتمكّن الإنسانُ أن يذهبَ إلى مِصرِه ثمّ يرجعَ بعمرة، وهذا لم يكن هكذا في حجّة الوداع لمن كان بها مجاورَ العدو بالشام والعراق ومصر.

وفي "الصّحيحين": عن مُطَرِّفِ بنِ الشِّخِّير، قال: قال عِمرانُ بنُ


(١) رواه مسلم (١٢٢٥)، كتاب: الحج، باب: جواز التمتع.
(٢) رواه البخاري (١٠٣٣)، كتاب: تقصير الصلاة، باب: الصلاة بمنى، ومسلم (٦٩٦)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: قصر الصلاة بمنى، عن حارثهَ بن وهب -رضي اللَّه عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>