للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا كان طوافُ الإفاضة والسّعيُ بعدَه يكفي القارنَ، فلا يكفيه طوافُ القدوم مع طواف الإفاضة، وسعى واحدٌ مع أحدهما بالأولى.

وقد صحّ عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "دَخَلَتِ العُمْرَةُ في الحَجِّ إِلى يومِ القيامَةِ"، فإذا دخلت، لم تحتج إلى عملٍ زائد (١).

الثّالث: يلزم المتمتعَ دم بالإجماع، وهو دم نُسك لا جُبرانٍ.

قال الإمام أحمد -رضي اللَّه عنه-: إذا دخلَ بعمرة، يكون قد جمع اللَّه له عمرةً وحجةً ودمًا.

قال في "الفروع": هو دمُ نسكٍ لا جُبرانٍ، وإلا، لَما أُبيح له التّمتُّع بلا عذر؛ لعدمِ جواز إحرامٍ ناقصٍ يحتاج أن يجبره بدم.

فإن قيل: لو كان دمَ نسك، لم يدخله الصّومُ؛ كالهدي والأضحية، ولاستوى فيه جميعُ المناسك؟

قيل: دخول الصّوم لا يخرجه عن كونه نسكًا، ولأن الصّوم بدلٌ، والقُرَبُ يدخلُها الإبدال، واختصاصه لا يمنع من كونه نسكًا؛ كالقِران نسك، ويقتصر على طوافٍ وسعي، ولأن سبب التّمتّع من جهته كمن نذر حجة يُهدي فيها هديًا، ثمّ إنما اختصّ؛ لوجود سببه، وهو الترفُّهُ بأحد السفرين.

فإن قيل: نسكٌ لا دمَ فيه أفضلُ، كالإفراد لا دم فيه.

فالجواب: يردُّ عليك: تمتُّعُ المكّيِّ لا دمَ فيه، وتمتُّع غيره الذي فيه الدَّم سواء عندك، وإنّما يفضل ما لا دمَ فيه على ما فيه دم إذا كان سببُ الدمِ


(١) انظر ما ذكره الشارح -رحمه اللَّه- في التنبيه الثاني: "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه اللَّه- (٢٦/ ٧٦ - ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>