للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وذَكَرُ أَحَدِنا يَقْطُرُ) منيًّا، هو من باب المبالغة؛ أي يفضي بنا إلى مجامعة النساء، ثمّ نحرم بالحج عقبَ ذلك، فنخرج وذكرُ أحدِنا، لقربه من الجماع، يقطر منيًا، وحالةُ الحجّ تنافي الترفُّهَ، وتناسبُ الشعث، فكيف يكون ذلك؟! (١).

(فبلغ ذلك) ليس في اليونينية لفظةُ "ذلك"؛ أي: بلغ قولُهم (النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -) بنصب "النَّبي" على المفعولية، (٢) وفي رواية: فما ندري، أشيء بلغه من السماء، أم شيء من قبل النّاس؟ (٣) (فقال) - صلى الله عليه وسلم -، زاد مسلم: "قد علمتُم أَنِّي أتقاكُم لله -عَزَّ وجَلَّ-، وأَصْدَقُكمْ وأبَرُّكُمْ (٤) " "لو استقبلْتُ من أَمْرِي ما استدْبَرْتُ"، يجوز أن تكون "ما" موصولة؛ أي: الذي، أو نكرة موصوفة؛ أي: شيئًا، وأيًا ما كان، فالعائدُ محذوف؛ أي: استدبرته (٥)؛ أي: لو كنتُ الآنَ مستقبلًا زمنَ الأمر الذي استدبرته؛ أي: خَلَّفته ومضيتُ عنه خلفي، لفواتي إياه، ومُضيي عنه، (ما أهديت)؛ أي: ما سقتُ الهديَ، (ولولا أن معي الهديَ، لأحللت) من إحرامي؛ لأن وجوده مانع من فسخ الحجّ إلى العمرة والتحلل منها.

والأمرُ الذي استدبره - صلى الله عليه وسلم - هو ما حصل لأصحابه من مشقة انفرادهم عنه بالفسخ، حتّى إنهم توقفوا وتردَّدوا وراجعوه.

أو المعنى: لو أن الذي رأيت في الآخر، وأمرتُكم به من الفسخ عَنَّ لي في أول الأمر، ما سقتُ الهديَ؛ لأن سوقه يمنع من فسخ الحجّ إلى


(١) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ١٩١).
(٢) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(٣) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (١٢١٦/ ١٤٢).
(٤) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (١٢١٦/ ١٤١).
(٥) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>