منهم مَنْ يوجِبُه، كابن عبّاس - رضي الله عنهما -، ومن وافقه من أهل الظاهر، والشيعة، وغيرهم.
ومنهم مَنْ يحرِّمه، ككثير من الفقهاء.
ومنهم مَنْ يُبيحه، بل يستحبُّه، وهو قولُ الحسن، ومجاهد، وعبيد الله بن الحسن، والإمام أحمد، وطائفة من أهل الحديث، وغيرهم.
قال الحافظ ابن رجب: وهو الصواب، فمن أوجبه، قال: إن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ثبتَ عنه، بل تواتر: أنَّه أمر أصحابه كلَّهم في حجة الوداع أن يفسخوا، إلّا مَنْ كان معه هَدْيٌ، فلما رأى منهم توقُّفًا، غضبَ، واشتدَّ غضبُه، وأعاد عليهم الأمرَ، وهذا يقتضي الوجوب.
وقال الشيخ تقي الدين: يجبُ على من اعتقدَ عدمَ مساغه، يعني: يكون في حقه واجبًا، لقمع ما في نفسه، لثبوت السنة.
ولذا قال بعض علماء المذهب: نحن نشُهد الله أنا لو أحرمنا بحجٍّ، لرأينا فرضًا فسخَه إلى عمرة، تفاديًا من غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١).
قال الإمام أحمد في رواية خطاب بن بشر: رواه عشرةٌ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي أخبار صحاح.
وقال في رواية إبراهيم الحربي: فيه ثمانيةَ عشرَ حديثًا صحاحٌ جيادٌ.
وقال سلمة بن شبيب للإمام أحمد - رضي الله عنه -: كلُّ أمرك عندي حسن، إلّا خلةً واحدة، قال: وما هي؟ قال: تقول بفسخ الحجّ إلى العمرة، فقال: يا سلمة! كنت أرى لك عقلا، عندي في ذلك أحدَ عشرَ
(١) قاله الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" (٢/ ١٨٢).