للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"منْ لم يكنْ منكمْ معه هديٌ، فَأَحَبَّ أن يجعلَها عُمرةً، فليفعلْ، ومَنْ كانَ مَعَهُ الهديُ، فلا"، قالت: فالآخذ بها والتاركُ لها من أصحابه، فأما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجالٌ من أصحابه، فكانوا أهل قوة، وكان معهم الهديُ، فلم يقدروا على العمرة.

قالت: فدخلَ عليَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي، فقال: "ما يُبْكِيكِ يا هَنْتاهْ؟ " -أي: بفتح الهاء - وسكون الهاء الأخيرة-، كذا ضبط، وفي رواية: -بفتح النون وضمِّ الهاء الأخيرة-، والسكون فيها هو الأصل؛ لأنها للسكت؛ لأنهم شبهوها بالضمائر، وأثبتوها في الوصل، وضموها.

ويقال في التثنية: هَنْتَانِ، وفي الجمع: هَنَاتٌ، وهنواتُ، وفي المذكر: هَنٌ، وهَنان، وهَنونَ، ولكَ أن تلحقها الهاءَ لبيان الحركة، فتقول: يا هَنَهْ، وأن تُشبع الحركةَ فتصيرَ ألفًا، فتقول: يا هَناه (١).

قال الخليل: إذا دعوتَ امرأةً، فكنيتَ عن اسمها، قلت: يا هَنَهْ، فإذا وصلتَها بالألف والهاء، وقفتَ عندَها في النداء، فقلت: يا هَنْتاهْ، ولا يُقال إلّا في النداء (٢).

قيل: ومعنى يا هنتاه: يا بلهاء، كأنها نُسبت إلى قلة المعرفة بمكائد النساء وشرورهن، أو المعنى: يا هذه (٣).

قالت عائشة - رضي الله عنها -: سمعتُ قولَكَ لأصحابك، فمنعتَ العمرةَ، قال: "وما شَأْنُكُ؟ "، قالت: لا أُصلي، قال: "لا يَضيرُكَ، إنما


(١) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٥/ ٢٧٨ - ٢٧٩).
(٢) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ٢٧١).
(٣) انظر: "النهاية في غريب الحديث" (٥/ ٢٧٩)، و"شرح مسلم" للنووي (١٧/ ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>