للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحاصل: أن السنة الصحيحة، والأخبار الصريحة مفصحةٌ ومصرِّحَةٌ بما ذهب إليه الإمام أحمد، ولا ينهض لمعارضته دليلٌ يعتمد عليه، ولولا الإطالةُ، لذكرنا أدلتهم وما فيها من القدح، والله تعالى أعلم.

* الثالث: في الحديث دليلٌ على جواز استعمال لفظة "لو" في بعض المواضع، وإن كان قد ورد فيها ما يقتضي خلافَ ذلك من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطانِ" (١)، وفي لفظ: "تفتحُ بابَ الشِّركِ" (٢)، فالنهي عنها في استعمالها في التلهُّف على أمور الدنيا، إما طلبًا، كما يقال: لو فعلتُ كذا حصلَ كذا، وإما هَرَبًا، كقوله: لو كان كذا وكذا، لما وقع لي كذا وكذا، لما في ذلك من صورة عدم التوكُّل في نسبة الأفعال إلى القضاء والقدر، وأما إذا استُعملت في تمني القُرُبات، كما جاء في هذا الحديث، فلا كراهة في مثل هذا، والله أعلم (٣).

قال جابر - رضي الله عنه - في حديثه: (وأن) -بفتح الهمزة- (عائشة) أم المؤمنين - رضي الله عنها - (حاضت) بسَرِف قبلَ دخولهم مكّة.

وفي "الصحيحين" من حديث عائشة - رضي الله عنها -، قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أشهُرِ الحجّ وليالي الحج وحرم الحجّ، فنزلنا بِسَرف؛ أي: وهو اسم موضع على عشرة أميال من مكّة، به قبرُ أم المؤمنين ميمونةَ - رضي الله عنها -.

قالت عائشةُ - رضي الله عنها -: فخرجَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابه، فقال:


(١) رواه مسلم (٢٦٦٤)، كتاب: القدر، باب: في الأمر بالقوة، وترك العجز، والاستعانة بالله، وتفويض المقادير لله، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٣/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>