للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معناه، وفي الصوم: كسرُ شهوة النفس، لتنقاد طائعةً إلى مخدومها، وفي تشريف البيت، ونصبه مقصدًا، وجعلِ ما حواليه حرمًا تفخيمًا له، وإقبالِ الخلق شعثًا غبرًا كإقبال العبد إلى مولاه ذليلًا معتذرًا أمر مفهوم، والنفس تأنس من التعبد بما تفهمه، فيكون ميلُ الطبع إليه مُعينًا على فعله، وباعثًا، فوظفت لها وظائف لا تفهمها ليتم انقيادها، كالسعي والرمي، فإنه لا حظَّ للنفس في ذلك، ولا أنسَ فيه للطبع، ولا يهتدي العقل إلى معناه، فلا يكون الباعث إلى امتثال الأمر فيه سوى مجردِ الأمر، والانقيادِ المحض، وبهذا الإيضاح تعرف أسرار العبادات الغامضة، انتهى (١).

وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - في رمي الجمار: فالشيطانَ ترجمون، وملةَ أبيكم تتبعون، رواه البيهقي (٢).

فائدة:

قال ابن الجوزي: ربما قال قائل: نحن نعلم أن الحاج خلق كثير، ويحتاج كلُّ واحد منهم أن يرمي سبعين حصاة، وهذا من زمن إبراهيم -عليه السّلام-، والمرمى مكان صغيرٍ، ثم لا يجوز أن يرمي بحصاة قد رُمي بها، وترى الحصى في المرمى قليلًا، فما وجه ذلك؟

فالجواب: ما روي عن سعيد بن جبير: أنه قال: الحصى قُربان، فما قُبل منه، رُفع، وما لم يُقبل، بقي (٣).


(١) انظر: "مثير العزم الساكن" لابن الجوزي (ص: ١١٧ - ١١٨).
(٢) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (٥/ ١٥٣). وكذا الحاكم في "المستدرك" (١٧١٣)، وغيرهما.
(٣) انظر: "مثير العزم الساكن" لابن الجوزي (ص: ١١٨ - ١١٩). والأثر: رواه الأزرقي في "أخبار مكة" (٢/ ١٧٧). وكذا ابن الجوزي في: "التحقيق في أحاديث الخلاف" (٢/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>