هي المحل، فأوجب عند الشافعي التبعيض، وعند غيره الإلصاق، غير أن الحنفية لاحظوا تعدِّيَ الفعل للآلة، فيجب قدرُها من الرأس، ولم يلاحظها مالكٌ، ولا أحمدُ -رحمهما الله تعالى-، فاستوعبا الكلَّ، أو جعلاها صلة، كما في قوله تعالى:{وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}[المائدة: ٦] في آية التيمم، فاقتضى وجوب استيعاب المسح.
وأما الوارد في الحلق، فمن الكتاب قولُه تعالى:{لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ}[الفتح: ٢٧] من غير باء، ففيها إشارة إلى تحليق الرؤوس أو تقصيرها، وليس فيها ما هو الموجب لطريق التبعيض على اختلافه عند الحنفية والشافعية، وهو دخول الباء على المحل.
ومن السنة: فعلُه - صلى الله عليه وسلم -، وهو الاستيعاب كما هو قول مالك، وكذا أحمد.
قال ابن الهمام: وهو -يعني: القول بوجوب استيعاب الحلق أو التقصير- هو الذي أدين الله به، والله أعلم (١).
(١) نقله الشارح -رحمه الله- عن القسطلاني في "إرشاد الساري" (٣/ ٢٣٣)، الذي نقله عن الكمال بن الهمام في "فتح القدير" (٢/ ٤٩٠ - ٤٩١).