ما يجزىء عند الشافعية: ثلاثُ شعرات، وعند أبي حنيفة: ربعُ الرأس، وعند أبي يوسف: النصف، وعند الإمام أحمد والمالكية: الجميع، كما أشرنا إليه سابقًا.
قال العلامةُ الكمالُ بنُ الهمام: اتفق الأئمةُ الثلاثة: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي: أن قال كل منهم بأنه يجزىء في الحلق القدرُ الذي قال: إنه يجزىء في الوضوء.
قال: ولا يصح أن يكون هذا منهم بطريقة القياس؛ لأنه لا يكون قياسًا بلا جامع يظهر أثره، وذلك لأن حكم الأصل على تقدير القياس وجوبُ المسح، ومحله المسح، وحكمُ الفرع وجوبُ الحلق، ومحله الحلق للتحلل، ولا يظن أن محل الحكم الرأس، إذ لا يتحد الأصل والفرع، وذلك أن الأصل والفرع هما محلا الحكم المشبه به والمشبه، والحكم هو الوجوب مثلًا، ولا قياس يُتصور عند اتحاد محله، إذ لا اثنينية، وحينئذٍ فحكم الأصل، [و] هو وجوبُ المسح ليس فيه معنى يوجب جواز قَصْره
على الربع، وإنما فيه نفسُ النص الوارد فيه، وهو قوله تعالى:{وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}[المائدة: ٦]،، بناء، إما على الإجمال والتحاق حديث المغيرة بيانًا، أو على عدمه، والمفاد بسبب الباء إلصاقُ اليد كلِّها بالرأس؛ لأن الفعل حينئذ يصير متعديًا إلى الآلة بنفسه، فيشملها، وتمام اليد يستوعب الربع عادة، فتعين قدرُه، لا أنَّ فيه معنًى ظهر أثرُه من الاكتفاء بالربع، أو بالنقص مطلقًا، أو تعين الكل، وهو متحقق في وجوب حلقها عند التحلل من الإحرام، ليتعدى الاكتفاء بالربع من المسح إلى الحلق، وكذا الآخران، وإذا انتفت صحةُ القياس، فالمرجعُ في كل من المسح وحلق التحلل ما يفيده نصه الواردُ فيه، والواردُ في المسح دخلت فيه الباء على الرأس التي