للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستُشكل إرادتُه - صلى الله عليه وسلم - منها الوِقاعَ مع عدم تحققه لحلها من الإحرام، كما أشعر بذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أحابستنا هي؟ "، وأجيب بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعلم إفاضة نسائه، فظن أن صفية أفاضت معهن، فلما قيل له: إنها حائض، خشي أن يكون الحيضُ تقدَّم على الإفاضة، فلم تطفْ، فقال: "أحابستُنا هي؟ "، فلما قيل له: إنها طافت قبل أن تحيض، (قال: اخرجوا)؛ أي: ارحلوا، ورخَّص لها في ترك طواف الوداع (١)، مع كونه واجبًا، كما سيأتي التنبيه عليه.

(وفي لفظ) من حديث عائشة في "الصّحيحين" وغيرِهما:

قالت صفية: ما أُراني إلا حابستَكُم (٢).

وفي لفظ: لما أراد النّبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينفر، إذا صفيةُ على باب خِبائها كئيبةً حزينةً، (قال)، وفي لفظ: فقال -بزيادة الفاء- (٣). (النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: عَقْرَى حَلْقَى) -بفتح الأول وسكون الثاني فيهما، وألفهما مقصورة للتأنيث، فلا ينونان، ويكتبان بالألف-، هكذا يرويه المحدِّثون حتى لا يكاد يُعرف غيره، وفيه خمسةُ أوجه:

أولها: أنهما وصفان لمؤنَّث بوزن فَعْلى؛ أي: عقرَها الله في جسدها وحَلْقِها؛ أي: أصابها وجع في حلقها، أو حلقِ شعرها، فهي معقورة محلوقة، وهما مرفوعان خبر مبتدأ؛ أي: هي.

ثانيها: كذلك، إلا أنها بمعنى فاعل؛ أي: أنها تعقرُ قومَها وتحلِقُهم


(١) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٢٣٦).
(٢) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (١٦٨٢).
(٣) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (٥٠١٩، ٥٨٠٥)، ومسلم برقم (١٢١١/ ٣٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>