للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بواجب ولا مسنون، وإنما هو مستحب، ولا يجب فيه دم؛ لأن الدمَ إنما يجب عنده في ترك الواجب والمسنون؛ كما في "اختلاف الأئمة" لعون الدين بن هبيرة (١).

قال القسطلاني في "شرح البخاري": طواف الوداع غيرُ واجب عند المالكية، بل مندوب إليه، ولا دم في تركه، انتهى (٢).

الثالث: قال ابن الجوزي وغيرُه: إذا فرغ من طواف الوداع، فليقفْ في الملتزم، وهو اسم لما بين الركن والباب، وهو مقدار أربعة أذرع، وليدْعُ، قال مجاهدٌ: لا يقوم عبدٌ ثَمَّ فيدعو الله -عزَّ وجلَّ- بشيء، إلا استجاب له (٣)، قال: وليكن دعاؤه عند الملتزم أن يقول: "اللهمَّ هذا بيتُك، وأنا عبدُكَ وابنُ عبدِكَ وابنُ أَمَتِك، حَمَلْتَني على ما سَخَّرْتَ لي من خَلْقِك، وسَيَّرْتَني في بلادكَ حَتَّى بَلَّغْتَني بنعمتِكَ إلى بيتِكَ، وأَعَنْتَني على أداءِ نُسُكي، فإن كنتَ رضيتَ عني، فازدَدْ عَنِّي رِضًا، وإلا فَمُنَّ الآن قبلَ أن تنأَى عن بيتِكَ داري، فهذا أَوانُ انصرافي إن أَذِنْتَ لي غيرَ مستبدِلٍ بكَ ولا ببيتِكَ، ولا راغب عنكَ ولا عن بيتِك، اللهمَّ فأَصحِبْني العافيةَ في بدني، والصِّحَّةَ في جِسْمي، والعِصمةَ في ديني، وأَحْسِنْ مُنْقَلَبي، وارزقْني طاعتَكَ أبدًا ما أَبْقَيْتَني، واجمعْ لي بين خَيْرَيِ الدنيا والآخرةِ، فإنَّكَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ" (٤).

وإذا أحبَّ، دعا بغير ذلك، ويصلِّي على النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فإذا خرج، ولَّى


(١) انظر: "الإفصاح" لابن هبيرة (١/ ٢٧٦).
(٢) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٢٣٦ - ٢٣٧).
(٣) رواه الأزرقي في "أخبار مكة" (١/ ٣٤٧).
(٤) انظر: "مثير العزم الساكن" لابن الجوزي (ص: ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>