للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: اختلف الأئمة في المبيت بمزدلفة جزءًا من الليل وليالي منى: هل يجب عليه دم؟

فقال أبو حنيفة: لا شيء عليه، ولو تركه، مع كونه واجبًا عنده، يعني: المبيت بمزدلفة، وأما المبيت بمنى، فعنده سنة لا شيء في تركه.

وقال مالك: يجب في تركها الدمُ مع كونها سنةً عنده.

وقال الشافعي في أظهر قوليه، وأحمد: يجب في تركها الدمُ، مع كونها واجبةً عندهما.

وأجمعوا على أن المبيت بمنى لياليها مشروع إلا في حق السقاية والرعاء، لكن أبو حنيفة ومالكٌ يقولان: هو من سنن الحج، وفي تركه عند مالك دمٌ، وليس عنده بواجب، وقد تقدم أن عند الإمام مالك في ترك المسنون دمًا (١).

الثالث: قال الحافظ ابن الجوزي في "مثير العزم الساكن" في شرح السقاية والرفادة، قال: كان أصلَ السقاية حياضٌ من أَدَمٍ توضع على عهد قُصَيٍّ بفِناء الكعبة، ويستقى فيها الماء للحاج.

والرفادة: خَرجٌ كانت قريشٌ تخرجه من أموالها إلى قُصَيٍّ يصنع به طعامًا للحاج يأكله مَنْ ليس له سَعَة، وسبب ذلك أن قصيَّ بنَ كلاب استولى على الحرم، وجمعَ إليه بني كنانة، وقال: أرى أن تجتمعوا في الحرم، ولا تتفرقوا في الشعاب والأودية، وكان من عادتهم إذا جاء الليل، خرجوا عن الحرم، لا يستحلون أن يبيتوا فيه، فقالوا: هذا عظيم، فقال: والله! لا أخرج منه، فثبت فيه مع قريش، فلما جاء الموسم، قام خطيبًا،


(١) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٢٤٥ - ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>