للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفرق بعض المتأخرين بينهما: بأن التكفير: محو أثر الذنب، حتى كأنه لم يكن، والمغفرة تتضمن من ذلك إفضال الله على العبد وإكرامه.

ونظر في هذا الفرق الحافظ ابن رجب في "شرح الأربعين".

وقيل: إن المغفرة لا تكون إلا مع عدم العقوبة والمؤاخذة؛ لأنها وقاية شر الذنب بالكلية، والتكفير قد يقع بعد العقوبة، فإن المصَائب الدنيوية كلها مكفرات للخطايا، وهي عقوبات، وكذلك العفو يقع مع العقوبة وبدونها، وكذلك الرحمة (١).

(ما)؛ أي: الذي (تَقَدَّمَ) على صلاته الركعتين المذكورتين.

(من ذَنْبِهِ)، الذي كان قد فعله.

والذنب: الإثم، والجمع: ذنوبٌ. وظاهره يعم الكبائر والصغائر، لكن العلماء خصوه بالصغائر، وقالوا: الكبائر إنما تكفر بالتوبة.

قال ابن دقيق العيد: وكأن المستند في ذلك: أنه ورد مقيداً في مواضع؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الصلواتُ الخمسُ، والجمعةُ إلى الجمعةِ، ورمضانُ إلى رمضانَ، كَفَّاراتٌ لما بينَهُنَّ، ما اجتُنبتِ الكبائرُ" (٢)، فجعلوا هذا القيد في هذه الأمور مقيداً للمطلق في غيرها، انتهى (٣).

وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح": وهذا فيمن له كبائر وصغائر، ومن ليس له إلا صغائر، كُفرت منه، ومن ليس له إلا كبائر، خُفف عنه منها


(١) انظر: "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (ص: ١٧٦).
(٢) رواه مسلم (٢٣٣)، كتاب: الطهارة، باب: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة ... ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>