أودية الأماني، وضروب الوساوس، ولفظ البخاري:"لا يحدث نفسه فيها بشيءٍ"؛ أي: مما قدمنا ذكره من الأماني.
ونفس الإنسان: روحه، أو الروح غير النفس، وأن يراد بالروح: النفس المتردد في البدن، والنفس التي يتوفاها الله عند نوم الإنسان، وهو جسمٌ مخالفٌ بالماهية لهذا الجسم المحسوس، نوراني طري حقيقي متحركٌ ينفذ إلى جوهر الأعضاء، ويسري فيها سريان الماء في الورد، وسريان الدهن في الزيتون، والنار في الفحم.
فما دامت هذه الأعضاء صالحةً لقبول الآثار الفائضة عليها من هذا الجسم اللطيف، بقي هذا الجسم اللطيف متشابكاً بهذه الأعضاء، وأفادها هذه الآثار من الحس والحركة والإرادة، وإذا فسدت هذه الأعضاء بسبب استيلاء الأخلاط الغليظة عليها، وخرجت عن قبول تلك الآثار، فارق الروح البدن، وانفصل إلى عالم الأرواح.
هذا الذي صوبه الإمام ابن القيم في كتابه "الروح" من عدة أقوال، وقال: إنه لا يصح غيره، وذكر على صحته مئة دليلٍ وبضعة عشر دليلاً (١).
(غُفر له)؛ أي: لذلك المتطهر للصلاة المذكورة - وصلى الركعتين اللتين حفظ فيهما قلبه بإقباله فيهما على ربه، ولم يحدث نفسه ويسترسل معها في أودية الأماني.
والغفرُ: السترُ، والمغفرة والتكفير يتقاربان، فالمغفرة: سترُ الذنوب، ووقاية شرها، ولهذا سُمي ما ستر الرأس ووقاه في الحرب مِغْفَراً، ولا يسمّى كل ساتر للرأس مِغْفَراً، والتكفير من هذا القبيل؛ لأن أصل الكُفر: الستر والتغطية.