للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلًا، سمي بذلك، لما فيه الوباء، قاله في "المطالع"، ولو كان كما قيل، لقيل: الأوباء، [أ] وهو مقلوب منه، والأقرب أنه سمي به، لتبوء السيول به -كما تقدم- (١).

(أو) وهو (بوَدَّانَ) -بفتح الواو وتشديد الدال المهملة آخره نون-: موضع بقرب الجحفة، أو قرية جامعة من ناحية الفرع، ووَدَّانُ أقرب إلى الجحفة من الأبواء، فإن من الأبواء إلى الجحفة للآتي من المدينة ما ذكرناه، ومن ودان إلى الجحفة ثمانية أميال (٢).

والشكُّ من الراوي، لكن جزم ابن إسحاق، وصالحُ بنُ كيسانَ عن الزهري: بودان، وجزم معمر، وعبد الرحمن، ومحمد بن عمرو: بالأبواء (٣)، (فَرَدَّه) - صلى الله عليه وسلم - (عليه)، ولم يقبله منه، وقد اتفقت الروايات كلُّها على أنه -عليه السلام- ردَّه عليه، إلا ما يأتي ذكره -إن شاء الله تعالى-.

(فلما رأى) - صلى الله عليه وسلم - (ما في وجهه)؛ أي: وجه الصعب من الكراهة، لما حصل له من الكسر في ردِّ هديته، (قال) - صلى الله عليه وسلم -: تطييبًا لقلبه: (إنَّا) -بكسر الهمزة لوقوعها في الابتداء- (لم نردَّه) -بفتح الدال كما في اليونينية، وهو رواية المحدثين، وذكره ثعلب في "الفصيح"، لكن قال المحققون من النحاة: إنه غلط، والصواب ضمُّ الدال كآخر المضاعف من كل مضاعف مجزوم اتصل به ضمير المذكر، مراعاةً للواو التي توجبها ضمةُ الهاء بعدَها، لخفاء الهاء، فكأن ما قبلها وليَ الواو، ولا يكون ما قبلَ الواوِ إلا


(١) وانظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ٥٧).
(٢) انظر: "معجم البلدان" لياقوت (٥/ ٣٦٥)، و"مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ٣٠٢).
(٣) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٤/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>