كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام

باب المحرم يأكل من صيد الحلال - الحديث الثاني - ج: 4 - ص: 461

مضمومًا، كما فتحوها مع هاء المؤنث، نحو: نردَّها، مراعاة للألف، ولم يحفظ سيبويهِ في نحوِ هذا إلا الضمَّ، كما أفاده السمين، وصرح جماعة منهم ابنُ الحاجب بأنه مذهبُ البصريين، وجوز الكسر أيضًا، وهو أضعفها، فصار فيها ثلاثة أوجه (١).

وفي لفظ: "لم نردُدْه" -بفك الإدغام- (٢) (عليك) لعلَّةٍ من العلل (إلا أَنَّا حُرُم) -بفتح الهمزة وضم الحاء المهملة والراء-؛ أي: إلا لأنا محرمون، زاد في رواية صالح بن كيسان عند النسائي: "لا نأكل الصيد" (٣)، وفي رواية شعبة عن ابن عباس: "لولا أنا محرمون، لقبلناه منك" (٤).

وهذا يقتضي تحريم أكل المحرمِ لحمَ الصيد مطلقًا، سواء صِيدَ لأجله، أو بأمره، أولا، وهو مذهب نقل عن جماعة من السلف، منهم: علي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن عمر، لكن الذي عليه أكثرُ علماء الصحابة والتابعين التفرقةُ بين ما صاده، أو صِيدَ لأجله من حَلال، وبين ما صاده حلالٌ لا لأجل المحرم، فأباحوا الأخيرَ -كما تقدم-، وكما يأتي في كلام المصنف تأويله (٥).

قال الحافظ -رحمه الله، ورضي عنه-: (وفي لفظ لمسلم): أهدى

---

(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٣/ ٩٦)، و"فتح الباري" لابن حجر (٤/ ٣٣). وانظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٣٠٠)، وعنه نقل الشارح -رحمه الله-.
(٢) كما في رواية الكشميهني، كما في "الفتح" (٤/ ٣٣).
(٣) تقدم تخريجه عند النسائي برقم (٢٨٢٠).
(٤) رواه مسلم (١١٩٤/ ٥٣)، كتاب: الحج، باب: تحريم الصيد للمحرم.
(٥) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٣٠٠ - ٣٠١).