للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عن) أبي عبد الرحمن (عبدِ الله بنِ) أمير المؤمنين (عمرَ) الفاروقِ (- رضي الله عنهما -، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنة).

قال: (والمزابنة): مفاعلة من الزَّبْن، وهو الدفع، وحقيقتها: بيعُ معلوم بمجهول من جنسه (١)، وفسرها في الحديث: بـ (أن يبيعَ) الشخصُ (ثمرَ حائطِه)، أي: بستانه (إن كان) حائطُه (نخلًا بتمرٍ كيلًا، وإن كان) حائطُه (كرمًا أن يبيعَه بزبيبٍ)، وهو ذاوي العنب.

قال القاضي عياض في "المشارق" في النهي عن بيع الكرم بالزبيب: وقد نهى - صلى الله عليه وسلم - أن يقال للعنب: الكرم (٢)، فيكون هذا الحديث قبل النهي عن تسميته كرمًا، وسمت العرب العنب كرمًا، لكرم ثمرته، وامتداد ظلها، وكثرة حملها، وطيبهِ، وتذلله للقطف، ليست بذي شوك ولا ساق، ويؤكل غضًا وطريًا، وزبيبًا يابسًا، ويدخر للقوت، ويتخذ شرابًا، وأصل الكرم: الكثرة والجمع للخير، وبه سمي الرجل كريمًا، لكثرة خصال الخير فيه، ونخلة كريمة، لكثرة حملها، فكان المؤمن أليق باسم الكرم، وأعلقَ به، لكثرة خيره ونفعه، واجتماع الخصال المحمودة فيه، من السخاء وغيره (٣).

(كيلًا) لإفضائه إلى الربا؛ لأن الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل، (وإن كان) المبتاع (زرعًا)، نهى -عليه الصلاة والسلام- (أن يبيعه بكيلِ طعامٍ) بالإضافة، والمراد به: ما تجري فيه علة الربا من نوعه، كأن يبيعه زرعَ البُرِّ


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٣/ ١٣٠).
(٢) رواه البخاري (٢٥٢٨)، كتاب: الأدب، باب: لا تسبوا الدهر، ومسلم (٢٢٤٧)، كساب: الألفاظ من الأدب، وغيرها، باب: كراهة تسمية العنب كرمًا، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ٣٣٨ - ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>