للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللفظ، ويفرَّق بينها في المعنى، ويعرف ذلك من الأغراض والمقاصد، فأما مهر البغي، وثمن الكلب، فيريد بالخبيث فيهما: الحرام؛ لأن الكلب نجس، والزنا حرام، وبذل العوض عليه وأخذه حرام، وأما كسب الحجَّام، فيريد بالخبيث: الكراهة؛ لأن الحِجَامة مباحة، وقد يكون الكلام في الفعل الواحد بعضه على الوجوب، وبعضه على الندب، وبعضه على الحقيقة، وبعضه على المجاز، ويفرق بدلائل الأصول واعتبار معانيها. انتهى (١).

على أن دلالة الاقتران ضعيفة.

وذكر الإمام المحقِّق ابن القيِّم: أن دلالة الاقتران تظهر قوتها في موطن، وضعفها في موطن، ويتساوى الأمران في موطن، وذكر لذلك أمثلة، ثم قال: ولقائلٍ أن يقول: اشتراك المستحب والمفروض في لفظٍ عام لا يقتضي تساويهما، لا لغةً ولا عرفًا، فإنهما إذا اشتركا في شيء، لم يمتنع افتراقهما في شيء، ثم قال: وأما الموضع الذي يظهر فيه ضعف دلالة الاقتران، فعند تعدد الجمل، واستقلال كل واحدة منها بنفسها، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يبولنَّ أحدُكم في الماء الدائم، ولا يغتسل فيه من جنابة" (٢).

قلت: وكذا ما نحن بصدده، فإن كل جملة مفيدة لمعناها، وحكمها وسببها وغايتها منفردة به عن الجملة الأخرى، واشتراكُهما في مجرد العطف لا يوجب اشتراكهما فيما وراءه، والله أعلم.


(١) انظر: "معالم السنن" للخطابي (٣/ ١٠٣). وانظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٢/ ٥).
(٢) تقدم تخريجه. وانظر: "بدائع الفوائد" لابن القيم (٤/ ٩٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>