للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن ابن عمرو بن العاص التغريم في إتلافه، فكلها ضعيفة باتفاق أئمة الحديث (١).

(ومهرُ البَغِيِّ خبيثٌ)؛ لأنَّه عوضٌ عن محرَّم، فلا يطيب، ولا يحلُّ- كما تقدم.

(وكسب الحجَّام خبيثٌ)، قال الأكثرون من السَّلف والخلف: لا يحرم كسب الحجَّام، ولا يحرم أكله، لا على الحرِّ، ولا على العبدِ، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وفي رواية عنه قال بها فقهاء المحدثين: يحرم على الحرِّ دون العبدِ (٢).

قال ابن دقيق العيد: والخبيث من حيث هو لا يدل على الحرمة صريحًا، ولذا جاء في كسب الحجَّام أنَّه خبيث، ولم يحمل على التحريم، لدليل خارجي، وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حتجم، وأعطى الحجَّام أجره، وهو في "الصحيحين" من حديت ابن عباس - رضي الله عنهما -، ولو كان حرامًا، لم يعطه (٣).

وحملوا هذه الأحاديث التي فيها النهي على التنزيه، والارتفاع عن دنيء الاكتساب، والحث على مكارم الأخلاق، ومعالي الأمور، ولو كان حرامًا، لم يفرِّق فيه بين الحرِّ والعبدِ، فإنه لا يجوز للرجل أن يطعم عبدَه ما لا يحلُّ (٤).

قال في "النهاية": قال الخطابي: قد يجمع الكلام بين القرائن في


(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٢٣٢ - ٢٣٣).
(٢) المرجع السابق، (١٠/ ٢٣٣).
(٣) رواه البخاري (٢١٥٨ - ٢١٥٩)، كتاب: الإجارة، باب: خراج الحجام، ومسلم (١٢٠٢)، كتاب: المساقاة، باب: حل أجرة الحجامة، وأنظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٣/ ١٣٥ - ١٣٦).
(٤) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>