للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عام الفتح)، أي: فتح مكة المشرفة، وكان في الثامنة، ومقول القول: (إن الله) -سبحانه وتعالى- (ورسوله) محمدًا - صلى الله عليه وسلم - (حَرَّم)، هكذا في "الصحيحين" بإسناد الفعل إلى ضمير الواحد، وكان الأصل: "حرَّما".

قال القرطبي: إنه - صلى الله عليه وسلم - تأدب مع الله، فلم يجمع بينه وبين اسم الله في ضمير الاثنين؛ لأنه من نوع ما رد به على الخطيب الذي قال: ومن يعصهما (١)، على أنه ورد في بعض طرق "الصحيحين": "إن الله حرم" ليس فيه: ورسوله، والتحقيق جواز الإفراد في مثل هذا، ووجهه: الإشارة إلى أن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ناشىء عن أمر الله، وهو نحو قوله تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} (٢) [التوبة: ٦٢].

(بيعَ الخمر)، ويشمل كلَّ مسكر؛ لأنه ما خامر العقلَ وغطاه، وإضافة تحريم الخمر وما عطف عليه لله -جل شأنه- على الحقيقة؛ أي: شرع وقدر تحريم بيع الخمر، وإلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - كذلك؛ لأنه مبلِّغ عن الله تعالى؛ أي: أظهر وبين وبلَّغ حرمةَ ذلك.

قال علماؤنا:. من شرطِ صحة البجع أن يكون البيع مالًا، وهو ما فيه


= و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٣/ ١٥١)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (٢/ ١١٣٥)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: ٢٤١)، و"فتح الباري" لابن حجر (٤/ ٤٢٤)، و"عمدة القاري" للعيني (١٢/ ٥٤)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (٤/ ١١٣)، و"سبل السلام" للصنعاني (٣/ ٥)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (٥/ ٢٣٥)
(١) رواه مسلم (٨٧٠)، كتاب: الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة، من حديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه -. وانظر: "المفهم" للقرطبي (٤/ ٤٦١).
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٤/ ٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>