أن انتهى بذلك (إلى قَفاهُ)؛ أي: إلى قفا رأسه من الزرقتين التي وراء الأذنين إلى ما يسمى قفا.
وليس ظهر الرقبة من الرأس، فلا يجب مسحها، بل ولا يستحب، خلافاً للحنفية؛ فالأذنان والبياض الذي فوقهما من الرأس -كما قدمناه في حديث عثمان-.
ويجب أن يبلغ بالمسح إلى جزءٍ من الوجه، كما يبلغ بغسل الوجه إلى جزء من الرأس؛ ليحصل الاستيعاب؛ من باب: ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجبٌ، (ثم رَدَّهما)؛ أي: ردَّ عبدُ الله بنُ زيدٍ - رضي الله عنه - يديه راجعاً بهما إلى جهة وجهه، (حتى رجعَ إلى المكانِ الذي بدأ) بالهمز (منه)، وهو مقدَّم رأسه، وهذا يرد قولَ من قال: يبدأ بمؤخر رأسه، ويمر إلى جهة الوجه، ثم يرجع إلى المؤخر محافظةً على ظاهر قوله:(أقبل وأدبر).
وينسب الإقبال إلى ناحية المقدم والوجه، والإدبار إلى ناحية المؤخر؛ فإن الحديث مصرحٌ بكيفية الإقبال والإدبار صريحاً، لا يحتمل التأويل، والحديث صحيحٌ متفقٌ على صحته.
(وفي رواية) في حديث عبد الله بن زيدٍ - رضي الله عنه -: (أتانا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخرجَنْا له ماءً في تَوْرٍ). وفي لفظٍ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ في إناءٍ (من صُفْرٍ) -بضم الصاد المهملة -أي: من نحاسٍ، وفاعله يقال له الصفَّار؛ كما في "القاموس"(١). ولم يذكر مسلم: إناء الصفر، وإنما ذكره البخاري.