للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لفظ عند البخاري من حديث أبي المنهال، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، قال: قدم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ، والناس يسلفون في الثمر العامَ والعامين، أو قال: عامينِ أو ثلاثةً، شك إسماعيلُ بنُ عُلية (١).

والحاصل: أنهم كانوا منهم من يسلف إلى عام، ومنهم من يسلف إلى عامين، ومنهم من يسلف إلى ثلاثة أعوام، فلا مانع من الكثرة والقلة، حيث كان إلى أمد معلوم له وقعٌ في الثمن عادة، كشهر ونحوه (٢).

(فقال) - صلى الله عليه وسلم -: (من أسلف في شيء) بما يصحُّ السلفُ فيه بحيث يكون مما تنضبط صفاته؛ لأن مالا يمكن ضبطُ صفاته يختلف كثيرًا، فيفضي إلى المنازعة والمشاقة المطلوبِ شرطًا عدمُها (٣)، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: (فليسلِفْ في كيل)؛ أي: إذا كان المُسْلَم فيه مكيلًا، فليكن بكيل (معلوم، و) إذا كان المُسْلَم فيه موزونًا، فليكن بـ (وزن معلوم)، وكذا إذا كان المسلَم فيه مذروعًا، فبذراع معلوم، وأن يكون المكيال والرطل والذراع المقدَّرُ به متعارَفًا عند العامة، وهذا مُفادٌ من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "في كيل معلوم"، فلا يصح لو شرط بصنجة أو مكيال أو ذراع لا عرف له (٤).

قال ابن المنذر: أجمع كلُّ من يحفظ عنه من أهل العلم على أن السلم في الطعام لا يجوز بغير مكيال لا يعرف، أو صنجةٍ لا يُعرف عيارُها، ولا في ثوب بذراع فلان أو رطله (٥)، حيث كان غير معروف؛ لأنه غرر


(١) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (٢١٢٤).
(٢) انظر: "الإقناع" للحجاوي (٢/ ٢٩٢).
(٣) انظر: "المبدع" لابن مفلح (٤/ ١٧٨)، و"شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ٢٩٧).
(٤) انظر: "الإقناع" للحجاوي (٢/ ٢٩١).
(٥) انظر: "الإجماع" لابن المنذر (ص: ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>