للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما إن دفعها على أن الأرض والشجر بينهما، فذلك فاسدٌ، وجهًا واحدًا، وبه قال مالك، والشافعي، وأبو يوسف، ومحمد، ولا نعلم فيه مخالفًا؛ لأنه يشترط اشتراكهما في الأصل، ففسد، كما لو دفع إليه الشجر والنخيل ليكون الأصل والثمرة بينهما.

ويدل لصحة كونِ الغراس من العامل قولُ الإمام أحمد - رضي الله عنه - في رواية المروذي: من قال لرجلٍ: اغرس في أرضي هذه شجرًا أو نخلًا، فما كان من غلّةٍ، فلكَ بعملك كذا وكذا، فأجازه، واحتجّ بحديث خيبر في الزرع والنخل، لكن يشترط أن يكون الغرس من ربِّ الأرض، كما يشترط في المزارعة كون البذر من ربِّ الأرض، فإن كان من العامل، خرجَ على الروايتين في المزارعة إذا شرط البذر من العامل (١)، وقد علمت الخلاف في ذلك.

الثالث: دلَّ الحديث على جواز كراء الأرض بالذهب والورق المعلومين، فلا يصح كون الأجرة بشيء غير معلوم المقدار عند العقد، لما دلَّ الحديث على عدم اغتفار جهالة الأجرة، ويستدل به أيضًا على جواز كراء الأرض بطعامٍ مضمون.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن استأجر أرضًا بجزءٍ معلومٍ من زرعها، فظاهر المذهب صحتها، سواء سميِّت إجارة، أو مزارعة، فإن لم تزرع الأرض، وصححناها، ضمنت بالمسمى الصحيح (٢).

قال في "الإقناع": وتصحُّ إجارةُ أرضٍ بنقدٍ وعُروضٍ، وبجزءٍ مُشاعٍ معلومٍ مما يخرج منها.


(١) انظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (٥/ ٥٦٠ - ٥٦١).
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (٣٠/ ١٢٢ - ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>