للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال محمد: يضمن، وهو قول أبي يوسف الأول، وبه قال زفر، والشافعي، ومالك، وأحمد؛ لأن الغصب عندهم يتحقق في العقار، والخلافُ في الغصب، لا في الإتلاف (١).

هذا كلامه، ولا يخفى على منصفٍ أنّ الذي نسبه لكلام الكرماني بكلامه أَجدر، والحقُّ أحقّ أن يُتبع.

ثمّ قال العيني -رحمه الله-: والاستدلال بحديث الباب على ما ذهبوا إليه غيرُ مستقيم؛ لأنّه -عليه السلام- غصب الأرض التطوُّقَ يوم القيامة، ولو كان الضمان واجبًا، لبينه؛ لأن الضمان من أحكام الدنيا، فالحاجة إليه أمسّ.

قال: والمذكورُ جميعُ جزائه، فمن زاد عليه، كان نسخًا، وذلك لا يجوز بالقياس، وإطلاق لفظ الغصب عليه لا يدلُّ على تحقق الغصب الموجب للضمان، كما أنّه -عليه السلام- أطلق لفظَ البيع على الحرّ بقوله: "من باع حُرًّا" (٢)، ولا يدل على ذلك؛ أي: البيع الموجب لحكم، على أنه جاء في "الصحيحين" بلفظ: "أخذ"، فقال: "من أخذ شبرًا من الأرضِ ظلمًا"، فعُلم أنّ المراد من الغصب الأخذُ ظلمًا لا غصبًا موجبًا للضمان، ثم أورد على نفسه حديث: "على اليد ما أخذت حتى ترده" (٣)، وأجاب:


(١) انظر: "عمدة القاري" للعيني (١٢/ ٢٩٨ - ٢٩٩).
(٢) رواه البخاري (٢١١٤)، كتاب: البيوع، باب: إثم من باع حرًا، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) رواه أبو داود (٣٥٦١)، كتاب: الإجارة، باب: في تضمين العارية، والترمذي (١٢٦٦)، كتاب: البيوع، باب: ما جاء في أن العارية مؤداة، وابن ماجة (٢٤٠)، كتاب: الصدقات، باب: العارية، من حديث سمرة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>