الثالث: لا يحصل الغصب من غير استيلاء، فلو دخل أرضَ إنسان أو دارهَ، لم يضمنها بدخوله، سواء دخلها بإذنه، أو بغير إذنه، وسواء كان صاحبها فيها، أو لم يكن، وقال بعض الشافعية: إن دخلها بغير إذنه، ولم يكن صاحبها فيها، ضمنها، سواء قصد ذلك، أو ظنّ أنّه داره، أو دارٌ أُذن له في دخولها؛ لأن يد الدّاخل تثبت عليها بذلك، فيصير غاصبًا، فإن الغصب إثباتُ اليد العادية، وهذا قد أثبت يده، بدليل أنهما لو تنازعا في الدار، ولا بينة، حكم لمن هو فيها دون الخارج منها.
ولنا: أنه غير مستولٍ عليها، فلم يضمنها، كما لو دخلها بإذنه، أو دخل حميراه، ولأنه إنما يضمن بالغصب ما يضمنه بالعارية، وهذا لا تثبت به العارية، ولا يجب به الضمان فيها، فكذلك لا يثبت به الغصب إذا كان بغير إذنه (١)، والله الموفق.
(١) انظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (٥/ ٣٧٥ - ٣٧٦).