للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ربّها، على إقامة بينة؟ أو يكتفى بوصفه لأمارتها؟ (١)

فمعتمد مذهب الإمام أحمد: أنه إذا وصفها بصفاتها المذكورة، دفعها إليه، سواء غلب على ظنه صدقُه، أو لم يغلب، وبهذا قال مالك.

وقال الشافعي: لا يجبر على ذلك إلّا ببيّنة، ويجوز له دفعها إليه إذا غلب على ظنه صدقه.

وقال أصحاب الرأي: إن شاء دفعها إليه، وأخذ كفيلًا بذلك.

ولنا: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإن جاءك أحد يخبرك بعددها ووعائها ووكائها، فادفعها إليه" (٢).

قال ابن المنذر: هذا الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبه أقول.

وفي حديث أبي بن كعب، وهو في "الصحيحين" زيادة لمسلم: "فإن جاءك أحد يخبرك بعددها ووعائها ووكائها، فأعطها إياه" (٣)، والأحاديث في مثل ذلك متعددة، ولم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - البيّنة في شيء منها، ولو كانت شرطًا للدفع، لم يجز الإخلال به، والأمر بالدفع بدونه، ولأن إقامة البيّنة على اللقطة يتعذّر؛ لأنها إنما تسقط بحال الغفلة والسهو، فتوقفُ دفعِها إلى البيّنة منعٌ لوصولها إلى صاحبها أبدًا، وبه يفوت مقصود الالتقاط، ويفضي إلى تضييع أموال الناس، وما هذا سبيله يسقط اعتبار البيّنة فيه، كالإنفاق على اليتيم، ويلزم القائلَ بهذا أَلَّا يحيى الالتقاط؛ لأنه يكون حينيذٍ تضييعًا لمال المسلم يقينًا، وإتعابًا لنفسه بالتعريف الذي لا يفيد، والمخاطرة بدِينه


(١) المرجع السابق (٣/ ٢٤٢).
(٢) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (١٧٢٣) من حديث أبي بن كعب - رضي الله عنه -.
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>