للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بتركه الواجب من تعريفها، وما هذا سبيله يجب أن يكون حرامًا، فكيف يكون مباحًا، فضلًا عن كونه فاضلًا؟

وتعلل القائلون بالبيّنة بعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "البيّنة على المدّعي" (١)، وهذا مدّعي.

قلنا: أجل، ولكن جعل - صلى الله عليه وسلم - بيّنةَ اللقطة وصفَها، فإذا وصفها، فقد أقام بيّنته، فإنّ البيّنة تختلف، فإن وصفها اثنان، أقرع بينهما، فمن وقعت له القرعة، حلف أما له، وسُلّمت إليه، وهكذا إن أقاما بيِّنتين.

وقال أبو الخطّاب: فيما إذا وصفها اثنان، تقسم بينهما؛ لأنهما تساويا فيما يستحقانه تساويًا فيها كما لو كانت في أيديهما.

والمذهب: الأول، وإن وصفها اثنان، فأقام آخر بيّنة أما له، فهي لصاحب البيّنة؛ لأنها أقوى من الوصف.

فإذا كان الواصف قد أخذها، انتُزعت منه، ورُدّت إلى صاحب البيِّنة؛ لأنا تبيّنا أما له، فإن كانت قد هلكت، فلصاحبها تضمين من شاء من الواصف والدافع إليه، وبهذا قال أبو حنيفة، والشافعي.

وقيل: لا يلزم الملتقطَ شيء، وهو قول أبي القاسم صاحب الإمام مالك، وأبي عبيد (٢).

قال زيد بن خالد الجهني: (وسأله)؛ أي: سأل السائل المتقدم ذكره النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - (عن ضالة الإبل)؛ أي: عن حكم التقاطها، يعني: هل يجوزُ التقاطها أم لا؟ ومثلُ الإبل كلُّ حيوان يقوى على الامتناع من صغار السباع،


(١) تقدم تخريجه.
(٢) انظر: "شرح المقنع" لابن أي عمر (٦/ ٣٥٦ - ٣٥٧، ٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>