للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما تجعل) "حتى" هذه ابتدائية (في في امرأتك)؛ أي: في فم امرأتك، وفي رواية: "حتى اللقمة" (١).

ووجه تعلق هذا بقضية الوصية: أنّ سؤال سعد - رضي الله عنه - يشعر بأنه رغب في تكثير الأجر، فلمّا منعه الشارع من الزيادة على الثلث، قال له على سبيل التسلية: إنّ جميع ما تفعله في مالك من صدقةٍ ناجزة، ونفقة -ولو واجبة- تؤجر بها إذا ابتغيت بها وجه الله، ولعله خصّ المرأة بالذكر؛ لأن نفقتها مستمرة (٢).

قلت: فالذي يظهر لي أنّ وجه التنصيص على المرأة يشعر بحصول الثواب في غيرها من بابٍ أولى؛ لأن نفقتها في مقابلة الاستمتاع بها، فإذا كان مع كونه في مقابلة عوض، وهو تمتعه بها، يحصل له الثواب، فغيرها من بقية من ينفق عليه ويعوله لا في مقابله شيء أولى، فـ "حتى" ها هنا تقتضي المبالغة في تحصيل هذا الأجر بالنسبة إلى المعنى، كما يقال: جاء الحاجُّ حتى المشاة، ومات الناس حتى الأنبياء، فلما كان ربما توهم أنّ أداء الواجب قد يشعر بأن لا يقتضي غير إسقاطه عمن أدّاه، وأنه لا يزيد على براءة الذمّة، دفع هذا الوهم بأنه يحصل له ما نواه، فإن المباح إذا قُصد به وجه الله تعالى، صار طاعة، وأُثيب عليه (٣).

(قال) سعد - رضي الله عنه -: (فقلتُ: يا رسول الله! أُخَلَّفُ بعدَ أصحابي؟).


(١) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (٢٥٩١، ٣٧٢١، ٤١٤٧، ٥٠٣٩، ٦٣٥٢)، ومسلم برقم (١٦٢٨/ ٥).
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٥/ ٣٦٧).
(٣) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٤/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>