للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الناس) بالكف (١)، وفي بعض الروايات: "يتكففون النالس في أيديهم" (٢)؛ أي: بأيديهم، أو المعنى: يسألون بالكف لإكفاء في أيديهم (٣).

ففي هذا: دليلٌ على استحباب الصدقة لذوي الأموال، ومبادرة الصّحابة الكرام، وشدة رغبتهم في الخيرات، فإن سعدًا - رضي الله عنه - طلب التصدق بالأكثر.

وفيه: دليل على تخصيص الوصية، وأن الثلث في حدّ الكثرة في باب الوصية (٤)، ويأتي له تتمة.

(وإنك) يا سعد، والمراد به: العموم (لن تنفق نفقة) كثيرة أو قليلة (تبتغي)؛ أي: تقصد (بها)؛ أي: بتلك النفقة (وجهَ الله) تعالى، وفي لفظٍ: "وإنّكَ مهما أنفقتَ من نفقة (٥) (إلّا أُجرت بها) "، دلّ هذا القيد على أنّ الثواب في الإنفاق مشروطٌ بصحةِ النيّة في ابتغاء وجه الله تعالى، والدار الآخرة، وهذا دقيق عسر إذا عارضه مقتضى الطبع والشهوة، فإن ذلك يفوت الفرض المقصود من الثواب، فضلًا عن شائبة الرياء والمباهاة حتى يبتغي به وجه الله ويَشُقُّ تخليص هذا المقصود بما يشوبه من مقتضى الطبع والشهوة.

وفيه: دليلٌ على أنّ الواجبات المالية إذا أُدِّيت على قصد أداء الواجب، ابتغاء وجه الله، من تصحيح النيّة، أُثيبَ عليه (٦)، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: (حتى


(١) انظر: "عمدة القاري" للعيني (١٤/ ٣٢).
(٢) تقدم تخريجه عند البخاري، ومسلم.
(٣) انظر: "عمدة القاري" للعيني (١٤/ ٣٤).
(٤) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٤/ ٩).
(٥) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (٢٥٩١).
(٦) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٤/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>