للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: لا يجوز الكسر؛ لأنه لا جواب له، لخلو لفظ "خير" من الفاء (١)، واعترض عليه بأن حذف الفاء من الجزاء سائغ شائع غيرُ مختص بالضرورة -كما قدّمنا- (٢)، ومعنى تذر: تترك، وفي لفظ: "أن تدع (ورثتك) " (٣)، قيل: إنما عبّر بلفظ الورثة، ولم يقل: أن تذر بنتك، مع أنه لم يكن له يومئذٍ إلا ابنة واحدة، لكون الوارث حينيذٍ لم يتحقق؛ لأن سعدًا لما قال ذلك بناءً على موته في ذلك المرض، وبقائها بعده حتى ترثه، فأجابه -عليه السلام- بكلامٍ كلّي مطابق لكل حالة، وهو قوله: "ورثتك"، ولم يخص بنتًا من غيرها.

وقيل: إنما عبّر بالورثة؛ لأنه اطلع على أن سعدًا سيعيش، ويأتيه أولاد غير البنت المذكورة، فكان الأمر كذلك، فكان له عدة بنين وبنات ما يزيد على خمسة وعشرين، أزيد من خمسة عشر ذكرًا، واثنتي عشرة ابنة.

وقيل: لأن ميراثه لم يكن منحصرًا في ابنته، فقد كان لأخيه عتبة بن أبي وقاص أولاد إذ ذاك، لذاك، منهم: هاشم بن عتبة الصحابي الذي قتل بصفين (٤) (أغنياء) عن المسألة وتكفف الناس (خير) لك عند الله (من أن تذرهم)؛ أي: تتركهم (عالة)؛ أي: فقراء، وهو جمع عائل، وهو الفقير، من عال يعيل: إذا افتقر (٥) (يتكففون) التكفف ببسط الكف للسؤال، أو سأل الناس كفافًا من الطعام، أو ما يكف الجوعة، أو بمعنى: يسألون


(١) نقله ابن الجوزي في "كشف المشكل" (١/ ٢٣٢).
(٢) انظر: "عمدة القاري" للعيني (١٤/ ٣٤).
(٣) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (٢٥٩١، ٥٠٣٩، ٥٣٤٤).
(٤) انظر: "عمدة القاري" للعيني (١٤/ ٣٤).
(٥) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٣/ ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>