للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النبي - صلى الله عليه وسلم - الحنيفية السمحة فيفطر ليتقوى على الصوم، وينام ليتقوى على القيام، ويتزوج لكسر الشهوة وإعفاف النفس وتكثير النسل، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فليس مني" إن كانت الرغبة بضربٍ من التأويل يعذر صاحبه فيه، فمعنى "ليس مني"؛ أي: على طريقتي، ولا يلزم أن يخرج عن الملّة، وإن كانت إعراضًا وتنطعًا يفضي إلى اعتقاد أرجحية عمله، فمعنى "ليس مني": على ملّتي؛ لأن اعتقاد ذلك نوع من الكفر، كما في "الفتح" (١).

وفي الحديث: دلالة على فضل النكاح والترغيب فيه.

وفيه: تتبع أَحوال الأكابر للتأسي بأفعالهم، وأنه إذا تعذّرت معرفته من الرجاله، جاز استكشافه من النساء، وأنّه من عزم على عمل بِرّ، واحتاج إلى إظهاره حيث يأمن الرياء، لم يكن ذلك ممنوعًا.

وفيه: تقديم الحمد والثناء على الله عند إلقاء مسائل العلم، وبيانِ الأحكام للمكلفين، وإزالةِ الشبهة عن المجتهدين، وأن المباحات قد تنقلب بالقصد إلى الكراهة أو الاستحباب.

قال: الطبري: وفي الحديث: الردُّ على [من] منعَ استعمالَ الحلال من الأطعمةِ والملابسِ، وآثر غليظَ الثياب وخشنَ المآكل (٢).

قال عياض: وهذا مما اختلف فيه السلف، فمنهم من نحا إلى ما قال الطبري، ومنهم من عكس، واحتجّ بقوله -تعالى-: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف: ٢٠]، قال: والحقّ أنّ هذه الآية في الكفار، وقد أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأمرين (٣).


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ١٠٥ - ١٠٦).
(٢) المرجع السابق، (٩/ ١٠٦).
(٣) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٤/ ٥٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>