للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سقط مني ولم ألق عمر (١). قوله: قرِم أهلي؛ أي: اشتدّت شهوتهم إلى اللحم (٢).

وفي رواية مالك عن يحيى بن سعيد: أنّ عمر بن الخطاب قال لجابر: أما يريد أحدكم أن يطوي بطنه لجاره وابنِ عمه؟ فأين تذهب عنكم هذه الآية: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} (٣) [الأحقاف: ٢٠]؟.

قال بعض العلماء: هذا الوعيد من الله، وإن كان للكفار الذين يقدمون على الطيّبات المحظورة، ولذلك قال: {فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} [الأحقاف: ٢٠]، فقد يخشى مثلُه على المنهمكين في الطيبات المباحة؛ لأن من تعوَّدها، مالت نفسه إلى الدنيا، فلم يؤمَن أن يرتبك في الشهوات والملاذ، كلما أجاب نفسه إلى واحدة منها، دعته إلى غيرها، فيصير إلى حالة لا يمكنه عصيانُ نفسه في هوى قط، وينسدُّ باب العبادة دونه، فإذا آلَ به الأمر إلى هذا، لم يبعد أن يقال له: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف: ٢٠] الآية (٤)، ويأتي الكلام على هذا في كتابَي: الأطعمة واللباس -إن شاء الله تعالى-.


(١) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (٥٦٧٣).
(٢) انظر: "الترغيب والترهيب" للمنذري (٣/ ١٠٢).
(٣) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (٥٦٧٢).
(٤) قاله الحليمي، كما نقله البيهقي في "شعب الإيمان" (٥/ ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>