للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعلل مستقلّة، على الصّحيح، كتعليل تحريم وطء هند -مثلًا- بحيضها، وإحرامها، وواجب صومها، وكتعليل نقض الطهارة بخروج شيء من فرج، وزوال عقل، ومسّ فرج، فإنّ كلّ واحد من المتعددين يثبت الحكم مستقلًا، وإنما كان كذلك؛ لأن العلّة الشرعية بمعنى المعرّف، ولا يمتنع تعدد المعرّف؛ لأن من شأن كلّ واحد أن يعرف الذي وجد به التعريف.

قال بعض علمائنا: ويقتضيه قول الإمام أحمد بن حنبل في خنزير ميّت وغيره: هذا حرام من جهتين.

وذكره ابن عقيل عن جمهور الفقهاء والأصوليين.

والقول الثاني: أنه غير جائز.

وعلى القول بجواز تعليل الحكم بعلّتين، فكلّ واحدة من العلل علّة كاملة، لا جزء علّة عند الأكثر، وعند ابن عقيل جزء علّة.

وقيل: العلّة إحداهما لا بعينها، واستدل الأول بأنه ثبت استقلال كلٍّ منهما منفردة، وأيضًا لو لم يكن كلّ واحدة علّة، لامتنع اجتماع الأدلّة؛ لأن العلل أدلّة، انتهى ملخصًا.

وفي "مفتاح السعادة" للإمام المحقق ابن القيّم -رحمه الله تعالى- في حكم تعليل الحكم بعلّتين ما نصه: فصل الخطاب فيها: أنّ الحكم الواحد إن كان واحدًا بالنوع، كحل الدم، وثبوت الملك، ونقض الطهارة، جاز تعليله بالعلل المختلفة، وإن كان واحدًا بالعين، كحل الدم بالردّة، وثبوت الملك بالبيع والميراث، ونحو ذلك، لم يجز تعليله بعلّتين مختلفتين،


= فيه "الكوكب المنير" المشهور بـ "مختصر التحرير" لمحمد بن أحمد الفتوحي المتوفى سنة (٩٧٢ هـ)، وصاحب "منتهى الإرادات" في الفقه الحنبلي. وانظر: "معجم مصنفات الحنابلة" للطريقي (٥/ ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>